الخبر

منجز ثقافي جديد: إدراج عرضة الخيل والإبل في قائمة اليونسكو للتراث غير المادي

29/11/2018

 

حققت السلطنة إنجازاً جديداً اليوم تمثل في إدراج عرضة الخيل والإبل في قائمة اليونسكو للتراث غير المادي، وذلك في الاجتماعات الأخيرة التي أقيمت في جمهورية موريسيوش في الفترة من ٢٦ نوفمبر إلى الأول من ديسمبر ٢٠١٨م، ضمن أعمال الدورة الثالثة عشرة من اجتماعات اللجنة الدولية الحكومية للاتفاقية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي.
وقد صرّح سعادة الشيخ حمد بن هلال المعمري وكيل وزارة التراث والثقافة للشؤون الثقافية بمناسبة هذا الحدث قائلا: “إن عُمان بلد ضارب في جذور التاريخ والإرث الثقافي غير المادي أحد الانعكاسات لتلك الحضارة الذي يعكس تفاعل الإنسان العُماني مع الطبيعة ومع بيئته ومجتمعه، وما إدراج عرضة الخيل والإبل في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية اليوم إلا شاهداً على ثراء الحضارة العُمانية وتنوع عطائها وشموليته، فما بين الفنون الشعبية العُمانية والفضاءات الثقافية للعادات والتقاليد العُمانية كالمجالس والقهوة العربية وصولاً إلى عرضة الخيل والإبل ثراء وتنوع ودلالة واضحة للبعد العالمي والإنساني لعطاء عُمان على مر العصور من جهة ويمثل نجاح السلطنة في إدراج هذه العناصر برهاناً على جهود الشباب العُماني من أبناء هذا الوطن في اعداد هذه الملفات وفي تفعيل الاتفاقية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي وما تتطلبه من برامج ومشاريع من جهة أخرى، فكل التحية لتلك الجهود المخلصة على العمل الدؤوب والمتميز”.
كما صرّحت معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية الموقرة وزيرة التربية والتعليم رئيسة اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم بمناسبة تسجيل “عرضة الخيل والإبل” في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية لدى منظمة اليونسكو قائلة: “يعتبر التراث الثقافي غير المادي من المواضيع التي تحظى بالعناية والاهتمام من قبل الحكومة الرشيدة وعلى رأسها مولانا صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي حرص بأن يكون المجتمع العماني محافظاً على تراثه وتراث أجداده الأصيل وأن لا تأخذه الحداثة وتبعده عن هذا الموروث الضارب في جذور التاريخ. ومن هذا المنطلق انضمت السلطنة إلى اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي باليونسكو في عام 2005 بموجب المرسوم السلطاني رقم 56/2005 مما ساعد على اهتمام السلطنة بعناصرها الثقافية المختلفة على المستويين المحلي والدولي والعمل على وضع خطط الصون المناسبة لهذا الموروث الثقافي للمحافظة عليه من الاندثار ونقله للأجيال، كما تحرص السلطنة على المشاركة في الاجتماعات التي تعقدها هذه الاتفاقية منها اجتماع اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي واجتماع الجمعية العامة للدول الأطراف في الاتفاقية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي. وفي إطار التعاون القائم بين السلطنة ومنظمة اليونسكو فقد تمكنت السلطنة من تسجيل ثمانية عناصر لتراثها غير المادي وهي (فن البرعة عام 2010م وفن العازي والتغرود عام 2012م وفن العيالة عام 2014م وفن الرزفة عام 2015م والمجالس والقهوة العربية عام 2015م وعرضة الخيل والإبل هذا عام 2018م). وقد حرصت وزارة التربية والتعليم على أهمية تواجد هذا الموروث الثقافي في مناهجها الدراسية والمناسبات الثقافية والاحتفالات الوطنية في جميع المحافظات والمديريات التعليمية، مما يعزز نقل هذا الموروث الثقافي الوطني وممارسته من قبل أبنائنا الطلاب والطالبات. وفي مجال توثيق هذا الموروث فقد قامت وزارة التربية والتعليم ممثلة باللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم بإنتاج فيلمين وثائقيين وأولهما المواقع العمانية المسجلة على قائمة التراث العالمي لليونسكو وهي (قلعة بهلا، ومواقع أرض اللبان، ومقابر بات، والخطم والعين، ونظام الري بالأفلاج)، وثانيهما العناصر الثقافية للتراث العماني غير المادي المسجلة لدى اليونسكو وهي سبعة عناصر تم ذكرها أعلاه، وهذان الفيلمان مترجمان باللغتين الانجليزية والفرنسية. تعتبر الإنجازات والنجاحات الوطنية في المحافل الدولية مفخرة وطنية وشعبية، وقد جاء تسجيل ملف السلطنة الثامن في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية مع مناسبة وطنية عزيزة على قلب كل عماني وهي العيد الوطني المجيد الثامن والأربعون المجيد، وأعتبرها فرصة سانحة لأتقدم بالتهنئة لكل ممارس ومهتم ومتابع لعرضة الخيل والإبل في السلطنة على تسجيلهم لهذا العنصر الثقافي الجميل في القائمة الدولية بمنظمة اليونسكو، حيث ستبقى هذه الشهادة الدولية حاضرة ًوشاهدةً على اهتمامهم بهذا المورث الوطني عازمين ومؤكدين على العمل على صونه والمحافظة عليه من الاندثار. كما يسعدني أن أتقدم بالشكر والتقدير إلى الفريق الوطني الذي قام بإعداد هذا الملف بكل خبرة واقتدار والمتمثل من الجهات التالية (وزارة التراث والثقافة – شؤون البلاط السلطاني ممثلاً في الخيالة السلطانية والهجانة السلطانية – وزارة التربية والتعليم ممثلة في اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم)”.
كما صرّح عن تسجيل عرضة الخيل والإبل في اليونسكو حميد بن علي بن محمد الزرعي مدير عام الهجانة السلطانية قائلا: “يعتبر تسجيل أي مفردة من مفردات التراث الثقافي غير المادي إنجازًا على المستوى الدولي والعالمي ليس للسلطنة فحسب بل للممارسين والمشاركين في الإعداد وللمفردة في حد ذاتها فهي تؤكد للعالم أنّها مفردة تحمل عادات وتقاليد وقيما وتساهم في الإثراء الثقافي والمجتمعي وتحمل مدلولات وملامح الهوية الثقافية العمانية، وتعكس إدراج هذه العناصر البعد العالمي للإرث العماني كونه تراثًا إنسانيًا يمثل الإبداع البشري في التعامل مع الحيوانات على مستوى العالم، كما أنّه يمثل نجاحًا للجهود العمانية في الحفاظ على هذا الإرث وتسجيله في القائمة العالمية للتراث غير المادي للإنسانية، وبجانب ذلك يعبر هذا الإدراج عن دور الممارسين والمهتمين وجميع أفراد المجتمع بالتمسك بتراثهم وهويتهم الوطنية. وفعالية ركض العرضة التي تتجدد كل موسم ضمن فعاليات المهرجان السنوي لسباقات الهجن الأهلية التي تنظمها الهجانة السلطانية بشؤون البلاط السلطاني تجد كل الاهتمام من أصحاب الإبل من مختلف محافظات السلطنة إسهاماً مباشرا في الحفاظ على هذا الموروث الأصيل الذي تشتهر به السلطنة، فقد جُسد على مر التاريخ إرثاً ثقافيًا ساهم في بناء التواصل الحضاري والاجتماعي بين أبناء المجتمع، تعزز من خلال الاهتمام والدعم السامي من لدن مولانا جلالة السلطان قابوس المعظم- حفظه الله ورعاه، لهذا الموروث العريق والذي فتح آفاقا أوسع لأصحاب الهجن للاهتمام بواحدة من الرياضات الأكثر شعبية في السلطنة. فكل الشكر للجنة المكلفة بتجهيز وتسجيل الملف وكل من ساهم ودعم هذا الملف حتى يبقى إرثا يتميز به أبناء هذا الوطن الغالي”.
وقد مثلت مرحلة إعداد ملف عرضة الخيل والإبل مذاكرة متكاملة للاتفاقية الدولية لصون التراث غير المادي من قبل أعضاء اللجنة ممثلة في معايير إدراج ملفات التراث غير المادي المقدمة إلى المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم لإدراجها في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للإنسانية، كما شملت مرحلة إعداد الملف مطالعة لمختلف التجارب والأعمال التي قدمت إلى اليونسكو وذلك لقراءة تلك الملفات والاستفادة منها في إعداد ملف عرضة الخيل والإبل. أما على المستوى المحلي فمثلت هذه المرحلة مشروعا بحثيا متكاملا تناول الآداب والقواعد الخاصة بتقديم عرضة الخيل والإبل، بالإضافة إلى الفنون الشعبية المصاحبة للعرضة والحرف التقليدية المرتبطة بزينة الخيل والإبل، ومراحل تدريب الخيل والجمال لتقديم عرضة الخيل والإبل.
وقد تم تشكيل لجنة من كل من وزارة التراث والثقافة كجهة معنية بالتراث غير المادي بجانب الهجانة السلطانية والخيالة السلطانية كجهات ممارسة للعرضة، بالإضافة إلى اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم، وقد قامت اللجنة بإجراء مقابلات مع الممارسين للعرضة والمتدربين والمنظمين وقامت بجمع مادة الملف واختيار الصور المناسبة وأشرفت على الفيديو الخاص بالملف كما قامت بتنفيذ الفعاليات الخاصة بالملف ومتابعة إجراءات تسجيله مع أمانة الاتفاقية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي وغيرها من الأعمال والمتطلبات لإعداد ملفات التراث الثقافي غير المادي.
من أجل التحضير للإدراج عقدت عدة اجتماعات لمناقشة خطة العمل المتعلقة بتحضير وإعداد ملف العرضة ودور كل جهة حكومية وأهلية في إعداد الملف، ومراجعة المادة الخاصة بالملف والبدء في إجراءات التسجيل، ومراجعة التصور والمادة المصورة الخاصة بالفلم، واعتماد المهرجانات الخاصة بالملف.
وقد مرّ إعداد الملف بمراحل، أولها إدراج العنصر في قوائم الحصر الوطنية للدولة هو أحد معايير الإدراج في القائمة التمثيلية، لذلك قامت وزارة التراث والثقافة بمراجعة استمارة إدراج العرضة في قوائم الحصر الوطنية من خلال بابين الفنون الشعبية والعادات والتقاليد، فالعرضة كمناسبة متكاملة مدرجة في قوائم الحصر تحت بند العادات والتقاليد العمانية، كما ورد فن محورب الخيل وفن همبل الإبل المرتبطة بالعرضة وتمارس ضمنها مدرجة في قائمة الفنون العمانية.
وثانيها من أجل تنضيد حقول استمارة تقديم الملف تم جمع المادة العلمية الخاصة بتلك الحقول وذلك من خلال المصادر العلمية كالكتب والمجلات والدوريات المطبوعة بالإضافة إلى الموسوعة العمانية، وأشرطة الفيديو والبرامج الإعلامية والإذاعية التي تناولت العرضة، وبجانب تلك المصادر عقدت اللجنة لقاءات مباشرة مع ممارسي العرضة سواء من خلال الهجانة السلطانية والخيالة السلطانية أو المواطنين ومن خلالهم تم جمع البيانات ومراجعتها بشكل مستمر.
وثالثها الاهتمام بالخطابات الداعمة التي لها أهمية كبيرة في إعداد ملفات الترشيح وتتوزع إلى ثلاث فئات؛ خطابات المشاركين من المجتمع المدني والأفراد في إعداد قوائم الحصر الوطنية، وخطابات الإقرار بالمشاركة في إعداد الملف من المجتمع المدني والممارسين، وخطابات العلم والموافقة بجميع إجراءات الملف من قبل حملة العنصر أو الممارسين. كما تم في هذه المرحلة التنسيق مع جميع الممارسين والمعنيين والمهتمين بالعرضة وهو المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بالعرضة، ومدارس تعليم الفروسية والاسطبلات والعزب، والأفراد الممارسين للعرضة، وفرق الفنون الشعبية الممارسين لفنون العرضة، والمهتمين والباحثين.
رابعها إنجاز فيلم العرضة، حيث تشترط إجراءات تقديم الملفات إلى اليونسكو إرفاق فيلم حركي عن العنصر، بالإضافة إلى عشر صور فوتوغرافية، ذات مواصفات محددة، وقد عملت اللجنة على إعداد الفيلم من خلال تكليف شركة متخصصة في إنتاج وتصوير الأفلام وقامت بالتنسيق لعملية تصوير المادة من خلال المهرجانات المحلية التي تقام فيها العرضة في السلطنة، وحرصت على إجراء مقابلات مع الممارسين تتضمن شهادتهم وموافقتهم لتقديم الملف، وتم إعداد مادة التعليق الصوتي، وفي ما يتعلق بالصور الفوتوغرافية فقد تم تحديد الصور بحيث تشمل جميع المعايير المتعلقة بالملف وتقدم صورة واضحة عن العنصر.
وقد تم إصدار كتيب عرضة الخيل والإبل باللغتين العربية والإنجليزية، وتضمن مجموعة من العناوين المتعلقة بالعرضة وسننها وقواعدها، بالإضافة إلى الفنون المصاحبة للعرضة وأماكن ومواسم ممارستها؛ ليكون داعماً لملف الترشيح وتوثيقاً لعرضة الخيل والإبل.