08/02/2017
رعى صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة ، صباح اليوم افتتاح ندوة الاحتفاء بالشيخ العلاّمة " نور الدين عبدالله بن حميد السالمي" المصلح الاجتماعي والموسوعي العُماني ، أحد الشخصيات العُمانية المدرجة ضمن برنامج اليونسكو للاحتفال بالذكرى الخمسينية أو المئوية للأحداث التاريخية المهمة والشخصيات المؤثرة عالمياً ، التي تنظمها اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم بالتنسيق مع مكتبة السالمي الأهلية بولاية بديّة ، بحضور معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم رئيسة اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم، وعدد من أصحاب المعالي الوزراء وأصحاب السعادة وكلاء الوزارات والمكرمون أعضاء مجلس الدولة ، وأصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى وأصحاب الفضيلة ورؤساء الهيئات ، وعدد من المهتمين والباحثين والمفكرين والباحثين ، في مجال الفكرِ والأدب والثقافة من داخل السلطنة وخارجها وعدد كبير من المدعوين والحضور ، وذلك بقاعة المحاضرات في جامع السلطان قابوس الأكبر .
برنامج الافتتاح
بدأ حفل افتتاح الندوة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم بصوت طالب بن سعيد القنوبي أمام وخطيب جامع السلطان قابوس الأكبر ، ثم ألقى سعادة الشيخ محمد بن حمدان التوبي المستشار بوزارة التربية والتعليم ، كلمة اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم، حيث قال : أولت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة – اليونسكو- عناية خاصة بالعلماء والمبدعين على اختلاف تخصصاتهم المعرفية عبر العصور ، كما اهتمت بالمنجز البشري في مجالات التربية والثقافة والعلوم بمختلف فروعها، سواءٌ ما كان من إبداع وانتاج الفكر البشري في القرون الماضية المتمثل في المعارف التي وصلت إلينا عبر المخطوطات بمختلف أشكالها وأنواعها ، أو ما أضافه مبدعو عصرنا هذا من إجادات متميزة؛ الأمر الذي يشكّل معرفة مستدامة بدوام الحضارة البشرية.
وأضاف: ولا ريب أن ما أبدعه الإنسان العماني عبر العصور ليس بمنأى عما قدّمه الآخرون ؛ بل أصبح تراثاً مشتركاً يتقاسمه مع البشرية جمعاء، ويحظى بالصبغة العالمية في إطار العديد من البرامج التابعة لمنظمة اليونسكو ، يتمثل ذلك في عدد من المواقع الأثرية العمانية المدرجة على لائحة التراث العالمي ، وعدد آخر من الرموز الثقافية المسجلة على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية ؛ بالإضافة إلى عدد من الشخصيات العمانية التي تم إدراجها كشخصيات مؤثرة عالمياً.
واختتم : إن إدراج أي شخصية من الشخصيات الفاعلة ، والمؤثرة على برنامج اليونسكو المذكور له مدلوله العميق في إبراز المستوى الحضاري لأي دولة من الدول الأعضاء ؛ الأمر الذي يحث هذه الدول على إيلاء هذا البرنامج الأهمية من خلال الاستفادة من تجارب الأعلام السابقين ، وخبراتهم لأجل عرضها على الأجيال المتلاحقة سعياً إلى وصل الحاضر السعيد بالماضي التليد، وتمهيداً لبناء الغد المشرق والمستقبل الزاهر بما يخدم قضايا التنمية الثقافية والفكرية المستدامة ، والتي هي من أبرز اهتمامات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية ، تلاها قدم عرضا مرئيا حول التعريف بالإمام نور الدين السالمي ومولده ونشأته وحياته واسهاماته العلمية في مختلف العلوم ورحلاته في طلب واسهاماته في الإصلاح الاجتماعي ووفاته ، تلا ذلك قدم الشيخ أفلح بن أحمد الخليلي أمين فتوى بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية ورقة عمل بعنوان " المنهج العقدي عند الشيخ نور الدين السالمي " تحدث فيها عن بعض المحاور التي تخص الجانب العقدي للشيخ السالمي ومنها مؤلفاته التي يستلهم منها الفكر العقدي ، وخصائص المدرسة التي ينتمي إليها ؛ بالإضافة إلى طرحه العقدي ، حيث تناول في هذا الجانب الخصائص العلمية والخصائص الفكرية والخصائص النفسية ، بعدها تفضل صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة راعي افتتاح الندوة بتكريم المتحدثين والجهات المتعاونة .
جلسات وأوراق عمل
الجلسة الأولى
بعده تواصل برنامج الندوة بتقديم جلستين ، ترأس الجلسة الأولى الدكتور محسن بن حمود الكندي من جامعة السلطان قابوس ، حيث ألقى البروفيسور رضوان السيد الورقة الاولى بعنوان " السالمي والتجديد في فترة الإصلاح الديني" أوضح فيها أن للعلاّمة السالمي فتاوى كثيرة ، ومؤلَّفات في الفروع الفقهية ، لكنّ عمله الرئيسي التجديدي كان في أصول الفقه ، حيث كان زمانُ العلاّمة السالمي زمانَ نهوضٍ وتجديد ، والأصلُ في التجديد لدى الفقيه هو التجديد في الفقه والأصول ، وأن هناك أمران يحكمان العملية النهضوية والتجديدية كُلَّها عند الشيخ السالمي ، يتعلق الأول بفقه العيش الذي يترتب عليه فقه الدين ، والأمرُ الثاني فيتعلق بآليات التجديد أو الاجتهاد الفقهي والأصولي لملاءمة فقه العيش وتوجيهه ، وتناولت الورقة الثانية للبروفيسور محمود مصطفى هرموش ، بعنوان " المنهج الأصولي عند السالمي" اجتهادات الإمام نور الدين السالمي ، والمناهج الأصولية والفنون التي بنى عليها السالمي اجتهاداته ، وشروط المجتهد عنده وأهمها أن يكون عالمًا باللغة نحوًا وصرفًا ، وأن يكون عالمًا بالأصول ، وأن يكون عالمًا بالكتاب ، ناسخًا ومنسوخًا ، وعامًا وخاصًا ، ومطلقًا ومقيدًا ، وظاهرًا ومؤولًا ، وأن يكون عالمًا بمثل ذلك في السنّة ، وإلى أنواع المجتهدين عنده ، وكذلك الأصول التي بنى عليها السالمي اجتهاده وهي القرآن الكريم ، السنّة ، الإجماع القياس ، كما تناول المنهج الاجتهادي الذي اتبعه السالمي ، وأبرز براعته في استخدامه فنّ اللغة وفن التفسير ، أما الورقة الثالثة بعنوان "المنهج المقاصدي عند السالمي" التي قدمها البروفيسور محمد كمال إمام تطرق فيها إلى رؤية الشيخ نور الدين السالمي للمقاصد من خلال كتابه في علم أصول الفقه " طلعت الشمس " ، وعرض لنظراته المقاصيدية مقارنة مع معاصريه من أعلام الفكر الإسلامي على الساحتين العربية والإسلامية ؛ إضافة إلى تحليل لمشروعه النهضة وأثر المقاصد فيه .
الجلسة الثانية
شهدت الجلسة الثانية التي ترأسها سعادة الدكتور محمد بن سعيد الحجري عضو مجلس الشورى ممثل ولاية بديّة ، تقديم ورقة العمل الرابعة بعنوان "المنهج التاريخي عند السالمي" للبروفيسور جيرزي زادونوسكي تطرق فيها أن الامام نور الدين السالمي مفكر وتأريخي عماني ، لعب دورا مهماً في قيادة الحركة الاباضية ، وبذل جهود كبيرة في مجال التعليم ، وفي تشكيل الهوية العُمانية الحديثة ، كما أنه كان عالماً وفقيهاً في مختلف العلوم الشرعية والإسلامية ، كذلك تناول الظروف السياسية والاقتصادية لعُمان في فترة الشيخ السالمي ، وأن ميلاده في بلدة الحوقين بولاية الرستاق ، وتلقيه للعلم ورحلاته العلمية خلال فترة شبابه حتى مكوثه في بديّة ، أيضاً تحدث إلى أن رحلته لحج بيت الله الحرام عام 1323هـ/1905م ، حيث كان له فرصة للقاء السلطان فيصل بن تركي في مسقط ليبحر ، بعد ذلك إلى (جدّه) لتأدية فريضة الحج وسلط الضوء في ختام ورقته إلى أهم ما خلفه وراءه من كتب ومؤلفات في مختلف العلوم ، وجاءت الورقة الخامسة التي قدمها الدكتور هلال بن سعيد الحجري مدير عام الآداب والفنون بوزارة التراث والثقافة ، بعنوان " الجانب الشعري والأدبي عند السالمي" ذكر فيها أن الشيخَ نورالدين ، أبا محمد ، عبدالله بن حميد السالمي ( 1869 - 1913 م) بصفته شاعرا ، وإنه عُرِف بين الناس بكونه عالِما فقيها وسياسيا، وترك طائفة من القصائد يمكن دراستُها للوصول إلى معرفة تصوره للشِّعْر ونظمه له وعليه ، حيث ركز في ورقته على استقصاء المواضع المتصلة بالشِّعْر في مختلف مؤلفات السالمي التاريخية ، والعَروضية ، واللغوية ، والفقهية ، والعقائدية ؛ لعلها ترشدنا إلى مفهومه للشعر ، وإلى تجربته الشعرية في ديوانه الذي حققه عيسى بن محمد السليماني سنة 2007 م ، والورقة السادسة قدمها اسماعيل بن ناصر العوفي بعنوان "المنهج اللغوي عند السالمي" تناولت الكشف عن شيء من المنهج اللغوي لأحد أعمدة اللغة الكبار ، الذي ترك موروثا لغويا عظيما ، حقيق بالدراسة والعناية ، الإمام الكبير والعلامة الشهير نور الدين عبد الله بن حميد السالمي – رحمه الله- ، من خلال ثلاثة مطالب نظرية الاستشهاد عند نور الدين بفرعيها " عصر الاستشهاد ، وأولويات الاستشهاد " ، والاستدراك على المشهور في كتب النحاة ، وأدبيات النقاش والاعتراض عند نور الدين.
هدفت الندوة إلى التعريف بالعلامة نور الدين السالمي على المستوى المحلي، وإبراز المناهج العلمية التي اتبعها وأهم نتاجاته العلمية، وكذلك تسليط الضوء على التأثير العالمي لهذه الشخصية، بالإضافة إلى التعريف ببرنامج اليونسكو للاحتفال بالذكرى الخمسينية أو المئوية للأحداث التاريخية المهمة والشخصيات المؤثرة عالميا.